الأربعاء، 29 أكتوبر 2008

تعد اللغة العربية أقدم اللغات الحية على وجه الأرض، و على اختلاف بين الباحثين حول عمر هذه اللغة؛ لا نجد شكاً في أن العربية التي نستخدمها اليوم أمضت ما يزيد على ألف وستمائة سنة، وقد تكفّل الله - سبحانه و تعالى- بحفظ هذه اللغة حتى يرث الله الأرض ومن عليها، قال تعالى {إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون}، و مذ عصور الإسلام الأولى انتشرت العربية في معظم أرجاء المعمورة وبلغت ما بلغه الإسلام وارتبطت بحياة المسلمين فأصبحت لغة العلم و الأدب والسياسة و الحضارة فضلاً عن كونها لغة الدين والعبادة. لقد استطاعت اللغة العربية أن تستوعب الحضارات المختلفة؛ العربية، والفارسية، واليونانية، والهندية، المعاصرة لها في ذلك الوقت، و أن تجعل منها حضارة واحدة، عالمية المنزع، إنسانية الرؤية، وذلك لأول مرّة في التاريخ، ففي ظل القرآن الكريم أصبحت اللغة العربية لغة عالمية، واللغة الأم لبلاد كثيرة. إن أهمية اللغة العربية تنبع من نواحٍ عدّة؛ أهمها: ارتباطها الوثيق بالدين الإسلامي و القرآن الكريم، فقد اصطفى الله هذه اللغة من بين لغات العالم لتكون لغة كتابه العظيم و لتنزل بها الرسالة الخاتمة {إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون}، و من هذا المنطلق ندرك عميق الصلة بين العربية و الإسلام، كما نجد تلك العلاقة على لسان العديد من العلماء ومنهم ابن تيمية حين قال: " معلوم أن تعلم العربية و تعليم العربية فرضٌ على الكفاية ". وقال أيضا " إن اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرض واجب، فإن فهم الكتاب و السنة فرضٌ، و لا يفهم إلا باللغة العربية، ومالا يتم الواجب إلا به، فهو واجب "، ويقو الإمام الشافعي في معرض حديثه عن الابتداع في الدين " ما جهل الناس، ولا اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب "، وقال الحسن البصري - رحمه الله- في المبتدعة " أهلكتهم العجمة ". كما تتجلى أهمية العربية في أنها المفتاح إلى الثقافة الإسلامية و العربية، ذلك أنها تتيح لمتعلمها الإطلاع على كم حضاري و فكري لأمّة تربّعت على عرش الدنيا عدّة قرون،وخلّفت إرثاً حضارياً ضخما في مختلف الفنون و شتى العلوم. وتنبع أهمية العربية في أنها من أقوى الروابط و الصلات بين المسلمين، ذلك أن اللغة من أهم مقوّمات الوحدة بين المجتمعات. وقد دأبت الأمة منذ القدم على الحرص على تعليم لغتها و نشرها للراغبين فيها على اختلاف أجناسهم و ألوانهم وما زالت، فالعربية لم تعد لغة خاصة بالعرب وحدهم، بل أضحت لغة عالمية يطلبها ملايين المسلمين في العالم اليوم لارتباطها بدينهم و ثقافتهم الإسلامية، كما أننا نشهد رغبة في تعلم اللغة من غير المسلمين للتواصل مع أهل اللغة من جانب و للتواصل مع التراث العربي و الإسلامي من جهة أخرى. إن تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها يعد مجالاً خصباً؛ لكثرة الطلب على اللغة من جانب، ولقلّة الجهود المبذولة في هذا الميدان من جانب آخر، و قد سعت العديد من المؤسسات الرسمية و الهيئات التعليمة إلى تقديم شيء في هذا الميدان إلا أن الطلب على اللغة العربية لا يمكن مقارنته بالجهود المبذولة، فمهما قدّمت الجامعات في الدول العربية و المنظمات الرسمية من جهد يظل بحاجة إلى المزيد و المزيد. ومن هنا شَرُفَت العربية للجميع بأن تكون لبنة في هذا الجهد المبذول لخدمة هذه اللغة المباركة
تُعتبر مادة اللغة العربية مادة أساسية ومُتَطلَّبا جامعيا إجباريا في معظم الجامعات الجزائرية ويدُل هذا على أهمية اللغة العربية للطالب الجامعي,فهنالك ضعفٌ ملحوظٌ لدى نسبة كبيرة من الطلاب في لغتهم,من ناحية المحادثة والقدرة على التواصل من خلالها,وضعف في قواعدها ومهاراتها الإملائية, وهنالك عدّة عوامل مؤثرة ومهمّة لها علاقة بضعف اللغة عند الطلاب,فدائما يرى الطالب أن اللغة هي عدوٌّ له منذ مراحله الدراسية في المدرسة وصولاً للجامعة,وخصوصا بالجامعة,يدخل الطالب الفصل,وهو واثقٌ بأنه ضعيفٌ في اللغة,ويكرهها,وسيرسب بها,فهذا الانطباع المُسبق سيجعل الأمرَ طبيعيا بِعَدَمِ اجتياز الطالب لمادة اللغة العربية.
تكمن أهمية اللغة للطالب الجامعي في عديد من الأمور,فهي ليست مجرد مادة كبقية المتطلبات الجامعية فقط,بل هي أساس في تكوين شخصية الطالب لتنمية مهارته في التواصل مع الآخرين في حياته الرسمية أو العملية على الأقل,وهي لغته الحقيقية,ويجب أن يكون مُلِمّا بالحد الأدنى من قواعدها الأساسية,كالإعراب والتشكيل والإملاء,وأيضا هنالك عبءٌ على الهيئات التدريسية في الجامعات,حيث على الأستاذ أن يكونَ مَرِنا في إيصال المعلومات إلى الطلاب,وليس جافا ونَزِقا,وعليه أن يجعل الطالب مُحبِّا للغة,مُستَقبِلا ومستمِعا جيدا,وهنالك العديد من الوسائل الإيضاحية وطرق للشرح وسكب المعلومات بانسيابية تُساعد الطالب بأن يكون مُهتمَّا وجادّا ويريد أن يستفيد حقا من اللغة.
ومن المسائل المهمة في تدريس مادة اللغة العربية في الجامعات, تطوير وتغيير أساليب التدريس,فليس من الضروري أن تقوم فقط على كتاب يأتي به الطالب ويحفظه دون أن يفهم شيئا,وبعد نهاية الفصل يتخلّص منه كأنه حِملٌ ثقيلٌ على كاهله,فهكذا لن يستفيد الطالب,وسيبقى حاله على ما هو عليه,فيجب وضع خطط مُجدية وسهلة ومُناسبة مع قدرات الطالب,مع ضمان تنمية وتطوير قدرات الطلاب في استخدامهم للغة,فالمتلقي يتأثر بأسلوب الطرح,ويتأثر في مدى مرونته وسهولته,فإن كان الطرح للمادة أكاديميا بحتا,سيمَلُّ الطالب,ويرى اللغة من منظور سلبي وبأنها مجموعة من القوانين المُعقَّدة والقواعد الجافة التي لا فائدة من دراستها وتعلُّمها,فاللغة,أيّة لغة كانت,هي عبارة عن ممارسة,بغضِّ النظر عن علاقة المُتلقي بها,أي إن كان يُحبُّها أو لا,فبتعويده على سماع اللغة والتعامل معها من خلال القراءة والكتابة,سيُتقن الحد الأدنى من كيفية استخدامها بشكل سليم,فبالتالي على الطرح أن يكونَ بصورةٍ عملية وتدريبية لامنهجية ولكن بِخطّة مَرِنة,حيث يتم تدريس اللغة العربية بتعليم الطلاب مهارات الكتابة السليمة والقراءة والاستماع والمحادثة,من خلال اقتراحات يُقدمها الأستاذ على الطلاب,كمناقشة قصيدة ما,أو مقالة,أو أي شيء يستطيع به الأستاذ أن يكون متواصلا به مع الطلاب باللغة العربية الفصحى,لكي يتعوّد الطالب على سماعها والتحدث بها.
ستؤدي هذه النقاشات إلى خلق متعة في التواصل بين الطالب والأستاذ,فالنقاش في هذه الأمور يجعل عند الطالب حب استطلاع ورغبة في السؤال عن ما يشذُّ في القواعد مثلا,وأيضا عندما يقوم الأستاذ بضرب الأمثال من القرآن الكريم,أو الشعر القديم,سيتم من خلال هذه الطريقة توضيح جماليات اللغة العربية وصورها الرائعة مما يزيد من لفت نظر الطالب إلى لُغته واستمتاعه بجمالياتها وقد تراه يفتخر بكون لغته تملك هذه الجماليات,وأيضا توضيح ميزة الحروف وأصواتها وطاقتها التعبيرية التي تمتلكها لغتنا سيزيد من ميول الطالب نحوها,وسيبحث بها أكثر لكي يعرف ويُنَمِّي مهاراته.
اللغة العربية تُمثِّل هُوية تاريخية وقومية لنا,وعلينا التمسُّك بها وتدريسها بشتّى الوسائل الحضارية الممكنة,ومن خلال التعويد على ممارستها عن الطريق المحاضرات الجامعية والندوات والبرامج التلفزيونية الهادفة المُتحدِّثة في الفصحى سنرى أن هنالك اهتمام أكبر من الطلاب بها وسنرى تطورا ملحوظا بأدائهم,ودائما علينا بالتذكير أنها لغة القرآن الكريم التي خاطب بها الله تعالى كل البشر بها,بمعنى آخر,هي لغة الخالق.
ويستحضرني قول محمود درويش في قصيدة "قافية من أجل المُعلّقات" في مديحه للغةِ قائلا:
"هذهِ لُغَتي ومُعجِزتي.عصا سِحري.حدائِقُ بابلي ومِسلَّتي,وهُويتي الأولى,ومعدنيَ الصقيلُ....ومقدَّسُ العربيِّ في الصحراءِ,يعبدُ مايسيلُ...من القوافي كالنجومِ على عبائتهِ,ويعبدُ ما يقولُ....لابُدَّ من نثرٍ إذاً...لا بُدَّ من نثرٍ إلهيٍّ لينتَصِرَ الرَّسولُ..."
إن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم , لغة الله التي اختارها لكلامه يخاطب بها أهل الأرض , والواجب على أستاذ اللغة العربية أن يتجاوب مع قدسية لغته وعمق عقيدته ويكون مدرسا عقائديا , تتفجر معاني عقيدته السمحة المشرقة من خلال كلماته , وتفيض من عذب حديثه , وتشع من بين شفتيه وتقلبات لسانه , وبهذا تكون رسالته محمولة في لغته .
2- حسن الخلق : إن أستاذ العربية هو الذي يحمل بلغته التراث الإسلامي والإنساني إلى التلاميذ وجميل بهذا التراث المحمول عن طريق لغة الأستاذ أن يجد وعاء يناسب مقامه وسمو قدره بسلوك الأستاذ الرفيع وطيب خلقه .
3- غزارة المادة العلمية : يجب أن يكون أستاذ العربية ملما بمادته إلماما كافيا ولا يقف عند منهجه فحسب ولكن ينبغي أن يحيط بمادته إحاطة واسعة عميقة وأن يعتمد في ذلك على المراجع المبسوطة والموسوعات كما يجب أن لا يقتصر على ما سبق أن حصله من هذه المادة وهو في مرحلة التعليم , بل ينبغي أن يتتبع بالدرس والقراءة ما يجد في مادته من آ راء مبتكرة ومؤلفات حديثه وأن يساير دائما تيارات التطور الثقافي ومعالم الدراسات التجديدية .
إن لأستاذ العربية آفاقا واسعة في اختصاصه العلمي فهو يقوّم الألسن بتدريسه , مما يدعوه إلى ضبط حركات وسكنات كل حرف حسب قواعد اللغة العربية الواسعة جدا , وهو يحمل أساليب التعبير ويحسنها بتدريسه البلاغة والنقد الأدبي وما فيها من سعة وبيان وبتدريسه الأدب العربي في سائر مراحله المختلفة , وما يحتاج ذلك من سعة اطلاع وإحاطة وهو يعنى بجودة النطق مما يقتضي معرفته قواعد النطق الصحيحة ومخارج الحروف .
وهو يعنى برسم الحروف بصورة صحيحة وجيدة على قواعد دقيقة مما يلزم الأستاذ بحسن الخط وإتقان قواعد الإملاء .
4- معرفته بأهمية اللغة :
على أستاذ اللغة العربية أن يدرك أهمية المادة التي يدرسها وأن يعرف وظيفة اللغة في حياة المجتمع حتى يعطيها حقها من الاهتمام وحسن الأداء وعليه أن يبصّر طلابه بأهمية اللغة في الحياة ليدركوا أنهم يتعلمون شيئا يحتاجون إليه في
حيا تهم ، فيقبلون على تعلمها بشغف واشتياق .
كما ينبغي لأستاذ اللغة العربية أن ينظر إلي اللغة على أنها ليست مادة دراسية فحسب ، بل هي لغة وظيفية ينبغي أن تستعمل في كل حين وألا يقتصر تعليمها على فترات معينة محدودة ، بل يجب تدريب التلاميذ على الاستعمال اللغوي الصحيح في كل فرصة ممكنة ,وعليه أن يدرك أن اللغة تدرس لتؤدي وظيفتها في مواقف الحياة التي تواجهه كأن يكتب بها تقريرا أو يرسل بها برقية أو رسالة أو بطاقة دعوة أو يدير بها ندوة أو يشارك بها في مناقشة أو يلقي بها كلمة .. وذلك كله فوق استخدامها في التعبير الإبداعي عن النفس .
ومن أشد ما تصاب به اللغة أن يهمل استخدامها في الحياة فتتحول على ألسنة كثير من الدارسين قوالب لاتحركها الدوافع والحاجات ولا تطلق طاقتها أنشطة الحياة وما تموج به من مواقف تتطلب الحديث أو الكتابة .
5- معرفته بوحدة اللغة وإن تعددت فروعها :
على أستاذ اللغة أن ينظر إلي اللغة على أنها وحدة مترابطة متماسكة , وليست فروعا مختلفة , وإن قسمت إلى الفروع
فإ ن الهدف من ذلك هو تيسير العملية التعليمية وتنسيق العمل في التدريس , وزيادة الاهتمام بلون معين من ألوان الدراسات اللغوية وعلى الأستاذ أن يدرك أن هذه الفروع تهدف إلي غرض واحد وتتعاون على تحقيقه ألا وهو جعل الطالب يستخدمها استخداما صحيحا كتابة وحديثا .
فواجب الأستاذ في مادة المطالعة أن يدرب طلابه على التعبير والإملاء والتذوق الأدبي بجانب التدريب على القراءة والاستيعاب .
وفي مادة القواعد يجب على الأستاذ أن يدرب طلابه على التعبير والتذوق و الإملاء بجانب تدريبهم على الاستعمال اللغوي الصحيح .
وفي مادة الإملاء يجب على الأستاذ تدريب الطلاب على التعبير والاستعمال اللغوي الصحيح بجانب تدريبهم على رسم الحروف والكلمات رسما صحيحا .
6 - تفهمه لطرق التدريس :
إن أهم ما ينبغي أن يعرفه أستاذ اللغة العربية هو الطرق التي تيسر تدريس اللغة العربية بفروعها المختلفة وأن يكون باحثا باستمرار عما يجد من أمور في طرق تدريس اللغة العربية . كما ينبغي أن يتعرف على الفروق الفردية عند الطلاب في ذكائهم وميولهم ورغباتهم وقابلياتهم , كل ذلك يكسبه مهارة في اختصاصه , ويزيد من الفائدة العلمية لطلابه , ويقيم التدريس على قواعد علمية صحيحة مشوقة ومثمرة .
كما يجب أن يدرك الأستاذ أن التدريس ليس شيئا عفويا يقوم على الارتجال , وليس محاولة تساندها مجرد الفطرة أو الموهبة أو الممارسة وإنما هو علم له قواعد ونظرياته وتطبيقاته التربوية .
وأن الخبرة وحدها لا تصلح أساسا له , لأنها قد تخطئ وقد تصيب وكثير مما قام على أساسها قد غيرته النظريات والبحوث التربوية الحديثة .
كما ينبغي لأستاذ اللغة العربية أن يوازن بين الأساليب والطرق التي تفرضها كتب الطرق الخاصة بتدريس اللغة العربية وأمامه في ذلك معايير لا تكذبه يمكنه الرجوع إليها , فما ساندته النظريات النفسية والتربوية والتجارب العلمية أخذ به ومالم تسانده آثر غيره عليه .
7-إدراكه لأهمية النشاط المدرسي المتصل باللغة العربية :
يعد النشاط المدرسي المتصل باللغة العربية مهما لكي تهيأ للطلاب الفرص لممارسة فنون اللغة وكسب مهاراتها , واستخدامها بصورة طبيعية في كثير من نواحي الحياة .
إن اللغة لا تتعلم بالقواعد والدراسة بقدر ما تتعلم بالتقليد والمحاكاة , والحديث والكلام والاستماع , والقراءة والكتابة في جو طبيعي غير متكلف .
والساعة التي يقضيها الطالب في حجرة الدراسة لتعلم اللغة العربية تعقبها ساعات في المنزل والمجتمع وكل مكان ــ يتعرض فيها ما تعلمه الطالب لمعاول الهدم والتقويض والنشاط المدرسي وسيلة من الوسائل التي نستعين بها في هذا المضمار و من ثم يكون أستاذ اللغة العربية مسؤولآ عن إدارة هذا النشاط وعن توجيه الطلاب .

التربية المنشودة

إن التربية المنشودة ليست شيئًا سهلاً، إنها معاناة وجهد يقوم بهما المربِّي والمربَّي معًا، وتشترك في تحقيق النتيجة عناصر أخرى، في مقدمتها: البيت والبيئة والسلطة الحاكمة، كما يشترك الماء والشعَاع، والحر أو البرد في إنضاح الثمار.
وعظة المنبر، ونصيحة المدرس وحدهما لا تصنعان الناشئ، وإن كان لهما أثرهما. إن علم المنطق كما عرفوه، آلة قانونية تعصم الذهن عن الخطأ في الفكر، ومع ذلك فهذا العلم لا يصنع مفكرًا. وعلم العروض والقوافي قد يحصي بحور القصائد، ويكشف ما في التفاعل من خبن وقبض، وهيهات أن يصنع شاعرًا.
وقد ألفنا أن نتلقى الدين كلامًا أو رسومًا، بيد أن هذا التلقي لا يصنع زكاة الأنفس، ولن تفلح نفس فقدت هذه الزكاة، ولن يفلح امرؤ إذا تحرك عقله تحركت معه قيود الخرافة أو الأوهام التي نسجها الخيال!
والعناصر المؤثرة في التربية لا بد من تجانسها وتناسقها، أي لابد أن ينتظمها ولاء واحد، وأن تتدافع إلى هدف واحد، فإذا كان البيت مسلمًا ملتزمًا لتعاليم الدين فإن عمله سيبطل أو يضعف إذا كانت الحكومة علمانية والمدرسة مدنية.
والخلل الذي نلاحظه على المسلمين المعاصرين يعود كفل ضخم منه على هذا التقطع والتضاد في وسائل التوجيه، فإن الاستعمار العالمي استمات في إقامة أجهزة اجتماعية واقتصادية وسياسية تضرب التربية الإسلامية بخبث وقساوة، فما ينجو إلا من عصم الله.
وأكره أن أحمِّل الاستعمار كل هزائمنا المادية والأدبية، وأن أفرَّ من تبعات التقصير الذي عرقل خطاي من قديم، إننا نحن المسلمين عُنينا بجانب من الأخلاق وأهملنا جوانب ذات بال، وظننَّا أن هذا الإهمال يغفر أو يجبر بالانتماء إلى عقيدة ما، والمداومة على عبادة ما.
أخذنا من الأخلاق جوانبها القريبة، فقد نفهم الأمانة على أنها الوديعة، ونرد ما استودعنا الآخرون إياه، أما أن المنصب أمانة، لا يجوز استغلاله لمأرب خاص، ولا يجوز الإخلال بأعبائه الجسام، فهذا شأن آخر.
ويغلب أن يكون طلب المنصب للاستغناء والاستعلاء، والبحث عن الذات لا البحث عن مصالح الأمة.
والصدق خلق معروف، ويغلب أن نصدق في القول لا في العمل؛ لأن الصدق في العمل صعب، إنه إحقاق الحق وإبطال الباطل، والتزام السنن التي قامت عليها السماوات والأرض.
وقد يتقاضانا هذا أن ننتخب الأصلح، ولو كان من غير قرابتنا، وأن نؤثر بالوظيفة فقيرًا ونطرح غنيًّا، وليس يقدر على هذا إلا.. الرجال.
وحب النفس من طباع البشر، فإلى أي مدى يهيمن هذا الطبع على مسالكنا؟ إن السيارة تقدم، فيسبق الرجل المرأة، ويتخطى الكبير الصغير، ويتحرك هذا الشعور الهابط في عشرات المعاملات، الكل يقول: نفسي نفسي، فهل هذا السلوك هو التفسير المنتظر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"؟
هل وضعنا تنفيذًا عمليًّا يكفكف شرور هذه الأنانية الصغيرة، ويواري هذا الإحساس الحيواني في دماء الناس؟
إن الله كتب الإحسان على كل شيء، ونكاد نحن نكون قد قررنا التقصير في كل شيء.
وقد بحثت عن السبب وراء هذا الخراب النفسي، وهديت إلى شيء قد يكون الحق، أو بعض الحق، إن المغالاة في تقدير الجانب الغيبيِّ من الدين تتم على حساب الجانب العملي أو الواقعي، وهذا خطأ!
رأيت تاجرًا يبيع السلعة لأحد الناس بأغلى من سعرها، فقلت له: لم تغبن هذا المشتري وهو مسترسل معك، قال: ألا تعرف، إنه فلان الذي ينكر كرامات الأولياء. قلت: ينكرها أو يقرها، يجب أن تعامله بشرف! قال: هذا قليل الدين، و.. قلت له: ليكن يهوديًّا أو نصرانيًّا فاستغلاله لا يجوز، والخداع حرام مع المؤمن والكافر. أتظن إيمانك بالكرامات مسقطًا لفضائل الأخلاق.
ولاحظت أن شابًا يتكلم بحقد عن أحد الدعاة، قلت: ما تنقم منه؟ قال: ما يعرف السنة، ألا ترى إسباله لثوبه؟ وما يحسن الصلاة، يقعد وقدماه على هيئة كذا، قلت: تكره مسلمًا وتتمنى له الشر لهذه الصغائر؟
إن تضخيم هذه الأمور دليل مرض نفسي، ومعصية قلبك أبعد عن المغفرة من اضطراب مظهره، ولعله أقرب إلى الله منك.
وعلى هذا النحو ترى رجلاً يتبع مذهبًا في العقيدة، أو في فقه الفروع، فيحسب أن اهتداءه إلى هذا المعنى، أو على هذا المسلك، قد جمع له المجد من أطرافه، فلا حرج عليه أن يتصرف كيف يشاء، وكأنما قال الله له: افعل ما شئت فقد غفرت لك!
ومن هنا استهان كثير من الذاكرين، أو الدارسين لبعض السنن، بمعاقد الأخلاق وقواعد الآداب، كما استهانوا بشؤون الحياة، وضبط مجراها، وامتلاك زمامها، فكانوا نكبة على الدين والدنيا معًا، ولقي الإسلام على أيديهم هزائم نكراء.
والأمراض الخلقية التي تصاب الأمم بها، مع انتشار الفساد السياسي، كثيرة، وهي تختلف من عصر إلى عصر، ولسنا بصدد إحصائها، وإنما نتساءل فقط: ماذا يعنيه تزوير انتخابات في قطرٍ ما؟
إن هذا التزوير يحدث دمارًا أخلاقيًّا أوسع من الدمار الماديّ الذي يحدثه أي زلزال رهيب، جيش من الرجال ذوي المناصب الكبرى والصغرى يتحول إلى خلية نحل في مصنع للأكاذيب واسع الدائرة، هادر الآلات، يعاون بعضه بعضًا في اختلاف الآراء وتسجيلها، وتصعيدها وترحيلها من بلد إلى بلد، ثم تلتقي آخر الأمر كما تلتقي شبكة المجاري القذرة لتخبر العالم كله أن فلانًا أحرز من أصوات الناخبين كذا وكذا، ونجح نجاحًا كاسحًا.
وعندما يمسي الناس ويصبحون على هذا التكاذب المفضوح، أيكون الصدق عملة رائجة أم مزجاة؟ أتستقر في المجتمع تقاليد الشرف أم تقاليد اللصوصية؟ أيتقدم أهل الأدب والتقوى أم يهال عليهم التراب؟
إن دعائم التربية تحتاج إلى حراسة مشددة بعد أن يتم استنقاذها من هذا البلاء المبين!
وعرض ثقافتنا الذاتية على الناس في هذه الأيام ينبغي أن يصحبه ما اكتنفها على مر العصور. ونحن نذكر على عجل أن المسلمين في العصر النبوي، ثم في عصر الخلافة الراشدة، لم تكن لديهم هذه البحوث المطولة في أصول الدين وفروعه، كانت آيات أو سور من القرآن الكريم، وجملة من الأحاديث الصحيحة هي كل ما يعرفون - حاشا المتخصصين وأهل الفتوى - وكان فقه العبادات يتناقل بالأسلوب العمليِّ. ثم يتوجه الجمهور بعد ذلك إلى الكدح والجهاد وإعلاء كلمة الله.
ثم استفاضت الدراسات الدينية، وكثرت البحوث في كل ميدان، ترى هل هذه السعة للتحلي والتسلي أم لمزيد من الخشية والتقى؟
المقرر عندنا أن المرء مسؤول عن علمه ماذا عمل به؟ والذي رأيته وأنا أعمل في ميدان الدعوة من أربعين سنة أو يزيد، أن أكثر هذه المعارف فضول، وأن الناس يقبلون عليها تزجية للفراغ، ومدافعة للبطالة، وأن عشر ما يعلمون يكفيهم في فقه الإسلام كله، ويبقى عليهم بعد ذلك أن ينصرفوا إلى العمل المثمر.
والقرن الرابع عشر ينتهي، ثم يجيء القرن الخامس عشر، ومشكلات الأمة الإسلامية تتعقد وتتضاعف.
والليالي من الزمان حبالى مثقلات يلدن كل عجيبة!
الأعداء تنمو أطماعهم، وتربو ضغائنهم، وتتقارب مسافة الخلف بينهم، والتخلُّف الحضاري، عندنا يثير الأسى، ومع ذلك كله فإن بعض حملة العلم الديني يَسْتَحْيي من الآراء المدفونة ما يثير الغثيان!
وبدلاً من أن يُوجِّه شباب القرن الجديد إلى العمل المناسب لخدمة دينهم، يديرهم في حلقة مفرغة من القضايا التي أوجدها الفراغ أيام الفراغ.
قلت لواحد من هؤلاء: إن الفكر سمن ونما له كرش، من هذه القضايا، وما تعود له صحته إلا إذا ذهبت هذه السمنة، واختفى هذا الكرش، واشتغل المسلمون بعلوم الحياة التي ينصفون بها دينهم المحْرَج، ويردون بها أعداء متوقحين.
وهنا نتكلم عن الثقافة الأخرى المقابلة لثقافتنا التقليدية، أو العلم الذي لا وطن له كما يقال.
لقد فكرت يومًا في "المطبعة ومخترعها" ووددت لو أن هذا المخترع النابه رجل مسلم عربي أو غير عربي، فإن المعروف لدينا أن أول كلمة في وحي الله لنبينا "اقرأ"، لكن هذا الجهاز بدأ ساذجًا في الصين، ثم تحسن كثيرًا في ألمانيا، وبلغ حدًّا من الكمال في هذه الأيام، بعيدًا عن أرض الإسلام.
تساءلت لماذا؟ إن هذا الاختراع وغيره ولد ونما بعيدًا عن مجتمعاتنا، فهل نحن بشر دون البشر؟
وسمعت صحافيًّا يقول في خبره: إن الصحراء الغربية مليئة بالنفط. فقلت: لماذا لا يستخرج؟ قال: إن الشركات الأجنبية ترجئ ذلك إلى حينه. قلت: وما دخل الشركات الأجنبية؟ قال: هي التي تملك أدوات التنقيب، وتتعرف بأجهزتها على الأماكن الحافلة بالمادة الثمينة. وهمست إلى نفسي: ونحن لا نعرف الأماكن، ولا نملك الأدوات، لماذا؟
ويجب أن نعرف الإجابة على هذه الأسئلة، إننا لسنا فوق المساءلة! إن المسلمين الآن خمس العالم أو ربعه، ولهم دينهم ودعاواهم وآمالهم، لقد كان المفروض أن يكونوا للعالم مرشدين، فماذا أزرى بهم؟ وكان مفروضًا أن تكون يدهم العليا بالعطاء الأدبي والمادي، فماذا عراهم؟
هل لدينهم أثر في هذا العجز؟ والجواب السريع: كلا كلا، فما يوجد كتاب ينتمي إلى السماء فيه تنشيط للعقل، وإطلاق للمواهب كالقرآن الكريم! وماذا بعدْ أن يقال للناس إن الله سخر لكم الكون كله، سماءه وأرضه، فاهبطوا واصعدوا وسيحوا وقرُّوا كيف تشاؤون (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً)[لقمان:20].
هل المسلمون دون البشر، ففي بصرهم قصر، وفي فكرهم ضحالة، وفي هممهم بلادة؟ كلا كلا، فقد سادوا العالم كله أعصارًا، ودخلوا في عراك فناء أو بقاء مع أعتى أمم الأرض، وخرجوا من ميادين الوغى منتصرين بعد جلاد وحشيِّ!
إذن ما السبب فيما عرا العقل الإنسانيّ - بعد - من خمول، وما أصاب جماهير المسلمين من كلال سلط عليهم ذئاب الأرض، تنهشهم من كل جانب، ذئاب الأرض؟ لا بل ذبابها!
إن يهوديًّا من "لوس أنجلوس" بالولايات المتحدة جاء إلى فلسطين، يطلق الرصاص على أهل "الخليل" يريد استخراجهم من مساكنهم واحتياز الأرض لنفسه. إن البغاث بأرضنا يتسنسرُ!!

الاثنين، 27 أكتوبر 2008

اختيار الصديق

للصديق أثر بالغ في حياة صديقه وتكييفه فكرياً وأخلاقياً لما هو المعروف من أن الإنسان مطبوع على سرعة التأثر والانفعال بالقرناء والأصدقاء ، فالصديق الصالح رائد خير وداعية يهدي إلى الرشد والصلاح ، كما أن الفاسد رائد شر وداعية ضلال يقود إلى الغي والفساد .وينبغي أن تتوفر في الصديق المثالي مجموعة من الصفات نذكر أهمها :
الصفة الأولى :أن يكون عاقلاً ، لبيباً ، مبرءاً من الحمق ، فإن الأحمق ذميم العشرة ، كما وصفه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بقوله : ( أما الأحمق فإنه لا يشير عليك بخير ولا يرجى لصرف السوء عنك ولو أجهد نفسه ، وربما أراد منفعتك فضرك ، فموته خير من حياته ، وسكوته خير من نطقه ، وبعده خير من قربه ) .
الصفة الثانية : أن يكون متحلياً بالإيمان ، والصلاح ، وحسن الخلق ، فإن لم يتصف بذلك كان تافهاً منحرفاً يوشك أن يفوي أصدقائه . قال تعالى : ( يَومَ يَعظُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيه يَقُولُ يَا لَيتَنِي اتَّخَذتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً يَا وَيلَتَا لَيتَنِي لَم أَتَّخِذُ فُلاناً خَلِيلاً ) الفرقان : 28 .
الصفة الثالثة : أن تتوفر صفة التجاوب العاطفي وتبادل المحبة بين الصديقين ، لأن ذلك أثبت للمودة وأوثـق لعرى الإخاء ، فإن تلاشت في أحدهما نوازع الحب والخلة ، ضعفت علاقة الصداقة قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( زُهدُكَ في راغبٍ فيكَ نُقصانُ عَقلٍ ورغبتُكَ في زاهدٍ فيكَ ذُلُّ نفسٍ ).
الصفة الرابعة : أن يكون الصديق وفياً ، فربما تجد من حولك الكثير من الأصدقاء لكنك لا تجد منهم واحداً يفي لك بحقوق الصداقة ، ويؤدي لك ما هو معتبر فيها .
امتحان الأصدقاء :
توجد ست موارد يمكن من خلالها امتحان الأصدقاء لإثبات صدقهم ووفائهم :
1- الامتحان الروحي : فإن التآلف بين الأصدقاء يبدأ من التآلف الروحي بين روحيهما ، والأرواح هي التي تكشف بعضها قبل أن تكشف الأجسام ذلك .
2-الامتحان عند الحاجة : فعليك أن تجرب صديقك الذي معك عند الحاجة ، وعليك أن تلحظ كيفية تصرفه معك ، فهل سيعطي حاجتك أهمية عند نفسه ويهتم بها كما لو كانت حاجته ، أو أنه سيتخاذل وينسحب ؟ومن المعروف أن الناس تنقسم قسمين :الأول : الذين يقضون حاجات الناس ، ومن دون أن يكونوا مستعدين للتضحية في سبيل ذلك وإنما بمقدار ما تيسر لهم من الأمرالثاني : الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ، كما عبّر القرآن الكريم ، ونحن لا نطلب في الصديق أن يكون دائماً من النوع الثاني ، وإن كان هو الغاية المنشودة ، لكن إن لم يكن النوع الثاني فلا أقل النوع الأول .والمشكلة تكمن فيما إذا كان الصديق يرفض الوقوف معك عند الحاجة ، فهذا يعني أنه قد فشل في الامتحان
3- الامتحان في حبه للتقرب إليك : من الأمور التي يمتحن فيها الصديق ، مسألة حبه للتـقرب من صديقه ، ويمكن معرفة ذلك من خلال الحديثفقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( صديق المحبة في ثلاثة : يختار كلام حبيبه على كلام غيره ، ويختار مجالسة حبيبه على مجالسة غيره ، ويختار رضى حبيبه على رضى غيره ) .فإذا توفرت في صديقك هذه الصفات فهو حقاً صديق المحبة .
4- الامتحان في الشدائد : فالصديق الجيد هو الذي يكون موقفه منك جيداً حينما تكون في شدة ، ويكون معك حينما يتبرأ منك الآخرون ، ويصدقك حينما يكذبك الآخرون>وجاء في الحديث الشريف : ( يمتحن الصديق بثلاثة ، فإن كان مؤاتياً فيها فهو الصديق المصافي ، وإلا كان صديق رخاء لا صديق شدة : تبتغي منه مالاً ، أو تأمنه على مال ، أو مشاركة في مكروه ) .
5- الامتحان في حالة الغضب : لأن كل إنسان يظهر على حقيقته في حالة الغضب ، فيبدو للآخرين في صورته الواقعية ، ويقول حينئذٍ ما يفكر به ، لا ما يتظاهر به ، فقد يكون هناك إنسان يجاملك ويقدم لك المحبة في كل وقت ، فإذا أغضبته قال الحقيقة التي طالما سترها عنك .وجاء في الحديث الشريف : ( إذا أردت أن تعلم صحة ما عند أخيك فأغضبه ، فإن ثبت لك على المودة فهو أخوك وإلا .. فلا )
6- الامتحان في السفر : ففي السفر يخلع الإنسان عن نفسه ثياب التكلف ، فيتصرف بطبيعته ويعمل كما يفكر ، ومن هنا فإنك تستطيع أن تمتحنه بسهولة.
فجاء في الحديث الشريف : ( لا تسمِّ الرجل صديقاً حتى تختبره بثلاث خصال : حين تغضبه فتنظر غضبه ، أيخرجه من حق إلى باطل ؟ ، وحين تسافر معه ، وحين تختبره بالدينار والدرهم ) .
ويجدر بنا جميعاً أن نجعل هذه الطرق وسيلتنا للتعرف على الأصدقاء الجيدين ، كما أن علينا عند التعرض للامتحان في أمثالها أن نسعى كي نكون جديرين بأن يصادقنا الآخرون ، ونخرج من الامتحان مرفوعي الرأس عند الله وعند الأصدقاء .

العلم نور والجهل مهند

لا أدري لم تكثر الأقاويل والقصص مع قدوم أول شئ غريب عن ثقافتنا ؟؟
وهويتنا ولعل آخرها مسلسل نور التركي الذي قامت له قوائم الكتابة والقصص والحواديث وآخرها الفتاة الجزائرية التي طلبت من خطيبها تغيير اسمه من محمد إلى مهند وانتقال هذه القصص عبر المسنجر والمنتديات ومنها طلاق واحدة عربية طبعا لأنها وقعت في غرام الأشقر مهند و انطلاق حملة الغيرة الشرسة التي قادها بعض المغدورون ضد من لم يترك لهن جمال مهند عقل ولا منطق ؟؟
والأغرب من ذلك السواد الأعظم المصدق لهذه القصص التي أظنها مفبركة كما فبكرت من قبلها قصة الفتاة التي رأت في منامها كذا وكذا والأمر بنشر قصتها عبر المسنجر أو الموبايل طبعا لانتظار المفاجآت السارة والتهديد بالوبال لمن لم يقم بنشرها ..لنهب أن الفتاة طلبت هذا الطلب السخيف فهل يعقل أن يسكت عليه أهلها خاصة إذا كانوا من ولاية أدرار ألم يكن -مثلا- من الأجدر محاربة الحادثة وهي في المهد؟؟ ولم مهند بالضبط هل هو أول أشقر شهدته السينما أم أن طفرة سينما تركيا لا يجب أن تمر علينا نحن العرب مرور الكرام؟؟
على العموم يبقى مسلسل نورالتركي تجربة جديدة علينا أخرجتنا من جلباب الأفلام المكسيكية التي ملها الكثير وتحدث عنها كل، ويكفي أن معظم الشباب والشابات يرون فيه تجديدا وتغييرا للوجوه والأماكن والديكور وحتى الأحداث التي تتسارع وتتباطأ والأهم من ذلك أنها لاتدعك تملها بغض النظرعن العلمانية الطاغية على الأتراك الذين تسنى لمن لم تسنح له لفرصة السفر إلى تركيا التعرف على بعض عاداتهم وطبائعهم عن طريق مسلسل نور.
صحيح أن مسلسل نور في حلقاته الأخيرة وسيترك فراغا أكيدا لمن تعود عليه بالرغم من أن قناة MBC كانت الأذكى بأن خصصت لها قناتها بأيامها ولياليها وحتى رناتها وستهدأ حتما زوبعة نور ومهند في فنجانها لينتقل الدور إلى حسام أو سيف أو حتى ديجور.

السبت، 25 أكتوبر 2008

تعرف على تينركوك

تينركوك دائرة تقع في ولاية أدرار في الجنوب الغربي للجزائر ، وهي على رغم بساطتها من الناحية العمرانية إلا أن لها رصيد تاريخي زاخر وثرات ثقافي غني ،كما تعتبر نقطة إستراتيجية هامة في منطقة الجنوب الغربي للجزائر حيث أن موقعها يسمح لها بأن تتوسط ثلاث ولايات رئيسة هي ولاية أدرار و ولاية غرداية و ولاية البيض التي لايفصلها عنها سوى 360 كلم وتنوي الدولة الجزائرية إنشاء طريق رابط بين البيض وتنركوك وهو الطريق الذي طال انتظاره من أهالي المنطقة لأنه يعتبر في الحقيقة جسراً هاماً للتواصل مع باقي مناطق الوطن بيسر كما أنه ينعش كثيراً النشاطات التجارية ، لأن منطقة تينركوك لها إنتاج وافر من التمور تستطيع من خلاله تموين مناطق عديدة في التراب الوطني كما لها رصيد هام من السياحة لما تحتويه من مواقع اثرية قيمة.